لماذا لم تلحق الفضة بأسعار الذهب؟ - محتوى بلس

0 تعليق ارسل طباعة

د. رامي كمال النسور *
يعتبر الذهب والفضة تاريخياً من الأصول الآمنة التي تجتذب المستثمرين خاصة خلال أوقات الأزمات الاقتصادية والسياسية، وجاء ذكرهما في القرآن الكريم كمخزن للقيمة. وفي حين شهد الذهب زيادات كبيرة في الأسعار مؤخراً، فإن نموأسعارالفضة كان متأخراً. وهذا التفاوت يعتبر سؤالاً مثيراً للاهتمام: لماذا لم تلحق الفضة بالذهب من حيث ارتفاع الأسعار؟
بداية، شهدت سوق المعادن الثمينة تحولاً ملحوظاً في عام 2024، حيث يتوقع أن تسجل الفضة لمعاناً أكثر من الذهب، فقد حققت الفضة مكاسب بنسبة 31.4%+ منذ بداية العام حتى تاريخ كتابة هذا المقال، بينما حقق الذهب مكاسب بنسبة 27.7%+ ويشير هذا التطور إلى أن الفضة قد تكون خياراً جذاباً للمستثمرين في العام الحالي.
وللاختلافات الأساسية بين سوقي الذهب والفضة دور مهم في مسارات أسعارهما المتباينة، فسوق الذهب أكبر بكثير وأكثر سيولة من سوق الفضة. وهذا يجعل الذهب الخيار المفضل للمستثمرين المؤسسيين والبنوك المركزية. ويمكن أن يؤدي السوق الأصغر للفضة إلى تقلبات أعلى، ما يردع بعض المستثمرين الأكبر حجماً.
من جهة أخرى تستخدم الفضة لغرضين اثنين كمعادن صناعية أواستثمارية. حيث يأتي ما يقرب من نصف الطلب على الفضة من التطبيقات الصناعية، بما في ذلك الإلكترونيات والألواح الشمسية والأجهزة الطبية. ويربط هذا الاعتماد على القطاعات الصناعية سعر الفضة بالظروف الاقتصادية الأوسع، ما يجعلها أقل استجابة لديناميكيات الملاذ الآمن التي تحرك أسعار الذهب.
وعلى النقيض من ذلك، فإن الذهب هو في المقام الأول أصل استثماري، ولا يتأثر إلى حد كبير بالطلب الصناعي، ما يسمح له بالاستجابة بشكل أكثر مباشرة للعوامل الاقتصادية الكلية مثل التضخم أو انخفاض قيمة العملة. ويتمتع الذهب بوضع فريد كأصل احتياطي عالمي. حيث تحتفظ البنوك المركزية باحتياطيات كبيرة من الذهب ولكنها نادراً ما تخزن الفضة.
وهنا أيضاً تظهر نقطة مهمة وهي أن إنتاج معظم الفضة هو منتج ثانوي لتعدين معادن أخرى مثل النحاس والرصاص والزنك. وهذا يجعل إنتاج الفضة أقل استجابة للتغيرات في سعرها السوقي. فبالتالي ولو ارتفعت أسعار الفضة، فمن غير المرجح أن تزيد عمليات التعدين من الإنتاج بشكل كبير ما لم ترتفع أسعار المعادن الأساسية أيضاً.
وفي نفس السياق نجد أن الفضة أكثر وفرة في قشرة الأرض مقارنة بالذهب، كما أن احتياطياتها موزعة بشكل أكثر توازناً، وتعمل هذه الوفرة على تهدئة الشعور بالندرة، مما يحد من إمكانات نمو أسعارها مقارنة بالذهب.
أخيراً يتمتع الذهب بنظام إستثماري أكثر رسوخاً من صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة (ETFs)، ما يجعل من الأسهل على المستثمرين المؤسسيين والأفراد الوصول إليه. وفي حين توجد صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة الخاصة بالفضة، إلا أنها تجتذب رأس مال أقل بكثير مقارنة بالصناديق التي تركز على الذهب.
وبالتالي فإن الفضة أكثر عرضة للمضاربات بسبب حجم سوقها الأصغر وتقلبها الأعلى. وفي حين أن هذا يمكن أن يؤدي إلى ارتفاعات حادة في الأسعار، فإنه يخلق أيضاً ملفاً استثمارياً أكثر خطورة، ما يثبط عزيمة المستثمرين على المدى الطويل.
وهنا نود أن نشير إلى وجود مؤشر مهم لقياس سعر الذهب والفضة وهو نسبة الذهب إلى الفضة حيث إنه تاريخياً، كانت نسبة الذهب إلى الفضة مؤشراً رئيسياً للقيمة النسبية للفضة. وحالياً، تظل هذه النسبة أعلى من المتوسطات التاريخية، ما يشير إلى أن الفضة قد تكون مقومة بأقل من قيمتها الحقيقية.
خلاصة الأمر، لكي تلحق أسعار الفضة بركاب أسعار الذهب، فسوف يتطلب الأمر مزيجاً من الإرتفاع في الطلب الصناعي، وجاذبية الاستثمار الأوسع، والعوامل الاقتصادية الكلية التي تصب في صالح كلا المعدنين.
وبينما كان أداء الفضة أقل من أداء الذهب في السنوات الأخيرة، فإن خصائصها الفريدة وتطبيقاتها الصناعية المتنامية تشير إلى أنها تظل أصلاً قيماً يتمتع بإمكانات نمو طويلة الأجل. وينبغي للمستثمرين النظر إلى المعدنين كأصول تكميلية، حيث يقدم كل منهما مزايا مميزة اعتماداً على ظروف السوق وأهداف الاستثمار.
قد تكون الفضة واحدة من الفرص الاستثمارية السانحة في الأشهر القادمة، فينبغي على المستثمرين أن يراقبوا من كثب حركة السوق وتطورات الطلب والعرض على الفضة لاتخاذ القرار المناسب.
* مستشار الأسواق المالية والاستدامة

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق